فَدَيناكَ يا عِشقَنا الأَوحَدا
ويا عُرسَ أَعراسِنا السَّرمَدا
ويا كاشِفًا غَـمَّ هذي البِلادِ
ويا قارِئًا وَجهَها المُسنَدا
ويا قاحِمًا بِالحُفاةِ الرّصاصَ
ويا زاحِمًا بِالجِبَـاهِ المَدى
ويا يَومَ شَعبٍ أَرادَ الحَياةَ
فَسَمَّى، ونادَى، ولَبَّـى النِّدا
وأَلقَى بِأَسمالِهِ البالِياتِ
وأَغلالِهِ العالِياتِ الصَّدا
وبِالحَقِّ.. لا بِالسِّلاحِ الرَّخيصِ
تَقَـوَّى، ولا بِالطُّغاةِ اقتَدى
هو الشَّعبُ.. لا حَقَّ إِلَّا لديهِ
ولا صَوتَ إِلَّا له أَو صَدى
ولا ثَأرَ إِلَّا مِن الظَّالِمِينَ
ولا قَيـدَ إِلَّا لِمَــن قَيَّـدا
وما الشَّعبُ إِلَّا قَضاءُ الإِلهِ
وأَقدارُهُ الرّامِياتُ الرَّدى
****
سَلامٌ على (مارِدٍ) دَكَّ عَرشَ الـ
ـطَّواغِيتِ، والسِّجنَ، و(المَروَدا)
سَلامٌ على نارِهِ، وهي تَذرُو
رَمادَ الإِماميَّةِ الأَسوَدا
سَلامٌ على صَوتِهِ، حين فَكَّت
جَنازِيرُهُ (العالَمَ المُوصَدا)
سَلامٌ على ثائِرِينَ استَحالُوا
بَراكِينَ في وَجهِ مَن عَربَدا
ورَاحُوا على مَوجةٍ مِن دِماءٍ
يَسُلُّونَ إِشراقَنا المُغـمَدا
كأَنَّ التِماعاتِهِم في دُجانا
ضُحًى يَقدَحُ الأُفقَ كي يُولَدا
أَضاؤُوا فِداءً لنا.. ثم غابُوا
فِداءً.. وهُم خَيرُ مَن يُفتَدى
فكم ثائِرٍ آثَـرَ المَوتَ منهم
على أَن يَرى الشَّعبَ مُستَعبَدا
وكم ثائِرٍ في الزنازينِ دَوَّى:
لقد آنَ لِلسَّوطِ أَن يُجلَدا
وكم ثائِرٍ خافَ (قَطرَ الحَديدِ)
وما خافَ مُستَكمِنا هَدَّدا
وكم ثائِرٍ نازِفٍ زاد بَذلًا
فدَاوَى مُداوِيهِ والعُـوَّدا
يَمانُونَ، مِن كُلِّ سِفرٍ أَطَلَّت
أَناشِيدُهُم تُنشِدُ المُنشِدا
وفِبرايِريّونَ*.. لم يَستَكِينوا
لـ(يحيى)، ولا استَأنَسُوا (أَحمَدا)
وسِبتَمبريُّونَ سِبتَمبريُّونَ
لم يَطلبوا النَّصرَ مُستورَدا
ولا أَسلَمُوا لِلقَضاءِ المَقالِيـدَ
لكنهم نازَعُوهُ الأَدا
وعن عَرشِهم دافَعُوا، لم يُجيبُوا
غُرابًا، ولا استَقبَلوا هُدهُدا
ولا أَرخَصُوا شَعبَهُم لِلمآسي
وخَرُّوا على بابِها سُجَّدا
ولا أَولَمُوا في قُصُورِ (الأَميرِ)
ولا عاقَرُوا (الشَّاهَ) و(المُرشِدا)
وُعُولٌ.. لهم في الذُّرى مُرضِعاتٌ
إِذا جاعَتِ استَحلَبُوا الفَرقَدا
يَمُوتون مِن عِزَّةِ النّفسِ جُوعًا
ولا يَأكُلون الذي يُجتَدَى
هُداةٌ على نُورِ أَيلُولَ سارُوا
ومَن سار خَلف الهُداةِ اهتَدى
ومَن شاءَ مِن خَصمِهِ اليومَ هَديًا
فقد خانَ أَجدادَهُ واعتَدَى
أَلَا إِنَّ مَن حالَفَ الخَصمَ خَصمٌ
وإِن كان ثَوبَ الحَليفِ ارتَدى
*****
لقد عاد مِن أَلفِ عامٍ غُبارٌ
وقد أَصبَحَ الأَمسُ يأتي غَدا
وقد عَزَّ ما كان يَبدو مُتاحًا
وقد غاب ما كان مُستَبعَدا
ولكنّ أَيلُولَ ما زال حَيًّا
بمن عاشَ منا أَو استُشهِدا
فأَيلُولُ لم يَأتِ مِن أَجلِ فَردٍ
ولا جاءَ بِالحُكمِ مُستَفرِدا
وأَيلُولُ داوَى جِراحَ البلادِ
وأَيلُولُ أَشتاتَها وَحَّدا
وأَيلُولُ آوَى جَميعَ الحقولِ الـ
ـعَرايا، وأشواكَها عَنقَدا
وأَيلُولُ ساوَى الرّؤوسَ ارتفاعًا
فلم يُبقِ عَبدًا ولا سَيِّدا
إذا لم يَجِد عِزَّةً في بَنِيهِ
فقد عاشَ سِتّينَ عامًا سُدى
ولا كَرَّمَ اللهُ منهم وُجُوهًا
إِذا قَبَّلوا رُكبةً أَو يَدا
* فبرايريون نسبة لثورة فبراير الدستورية ١٩٤٨
#ميلاد_وطن_26سبتمبر